موضوع: عشرة أعوام من حب فتاة مغتربة الجمعة نوفمبر 09, 2007 1:38 pm
ما أجمل النظر إلى عينيها- كانت دائما تحب التطلع إلي عيني- وكأنهما نافذة تنظر بها إلى مستقبل حبها المدفون- وتجعل من هاتفها جسر وصل بيني وبينها – وحرية تخرج بها من طوق العائلة وعادات المجتمع التقليدي- كان الهاتف لها كل شئ- لتعبر به عن خلجات قلبها الصغير- لأنها تعبت من ذرف الدموع وحدها- وكان هاتفي أيضا يحن إلى صوتها النرجسي الملئ بالبراءة والطفولة الجميلة- كان يرن دائما في منتصف الليل ليعلن عن كتابة قصة جديدة- أو معزوفة أو سيمفونية يطول عزفها حتى انبلاج الصباح- كنت أقول لها يا ليت الساعة تتوقف عند هذه اللحظات- حتى اشتعل حبا وعشقا وطفولة لا تعرف الحزن والشوق- كانت تملؤني آهات وآهات وأحيانا أخرى تمطر دموع عينيها- تبحث عن مستقبل يلملم بين جنباته قصة حب رسمتها خطوات السنين. لازلت أتذكر بحيرة عينيها الجميلتين- كم كنت اسبح في تلك العينين- وعندما يذركني التعب ارتمي كعصفور على شواطئها- كان القمر يغار من حديثي إليها- كان يطلب مني أن اكف عن عزف أوتار الحب لأنه لم يعرف مثل هذا الحب- كان يشتعل ضوءا من حبنا وكان يطلب مني أن ادع نافذة غرفتي مفتوحة حتى يهمس في أذني بأن ابعث سلامه إلى حبيبتي- كما الأشجار والورود التي تنادينا من ذلك الوادي لترسل قبلات وقبلات على أوراق الشجر. يا ذاكرة السنين العزيزة: أشعلي فيا الثورة- ودعيني بطل من أبطال حبك – واجعليني صارية في جزيرة حبك التي لا يطالها التخيل- وارفعي على صدرك راية نصرك الأخير- واكتبي ما شئت من رسائل وأشواق وياسمين- واقطفي من ذاكرتي أيام زمانك وساعاتك الجميلة- وأرسلي لي ما شئتي من أرقام هواتفك وعناوين اقاماتك فكل هذا يا تلميذتي لم يعد مهما عندي- فلقد مزقت تذكرتي وجواز سفري ولم اعد راغبا في الرحيل- لأني لن أجد وطنا أجمل من وطني- وحبا مثل حب وطني- وريفا وجبالا مثل جبال وطني- ارحلي انتى وحقائبك وحصارك الخانق على أنفاس الوطن- ودع الورود تزهر من جديد- ودع الفرحة تعود الى الوادي من بعد رحيلك عنه- فلقد فات ميعاد التلاقي والمقهى الذي كنا نلتقي فيه لم يبقى فيه سوا فنجان قهوة وقلم حبر- حتى الورود التي كنتي تحضرينها لي ذبلت مثلما انتى ذبلتي في نفسي- وزجاجة العطر الباريسية لازلت احتفظ بها لعلها تغير في نفسي رائحة حبك الماضي. فارحلي عني في صمت ولا تعودي فمهما ذرفتي الدموع فلن تغفر لكي- واعدكي باني كلما مررت على أطلال حبك اقرأ فاتحتي ثم اضحك وارحل. لا زلت أتذكر كلماتك وآهاتك ووعودك السرابية- وإن كنتي نسيتي فسأذكركي باني لازلت أعيش على الجانب الأخر من الوادي من عشرات السنين- حتى وان خانتك ذاكرتك فلن تخونكي رسائلي وصوري وقصائدي الغرامية. فانسيني- وحاولي مرة أن تنسينني من ذاكرتك ودفاترك وغرف نومك المغتربة- فلن تستطيعي يا صغيرتي النسيان- لان النسيان لن يضعني في يوم من الأيام في قاموسه- فأنا ذاكرتك وإحساسك ومشاعرك المفقودة من سنين- أنا وطنك وغربتك وكما كنت البداية سأكتب النهاية على أرصفة حبك وارحل وحدي حاملا في القلب قرآنا وفي اليد مسبحة- وعزيمة كعزيمة الجبال ( ويا جبل ما تهزك ريح ). هكذا علمتنا جنين أن نكون وهكذا علمتني أمي العصامية أن أكون- جبلا ومطرا ونهرا متدفق بالخير وقلبا كالبحر يسع أفراح وأحزان الجميع- وسأظل جبلا يقبل كل يوم وجه الشمس- وينسج من أشعتها قصائد لم تكتب من عشرة أعوام- ودفاتر لم تفتح من عشرة أعوام- وقلبا انتظر على شواطئ الحب عشرة أعوام- وأنفاسا تقطعت من زمن الأعوام العشرة- وخطوات تروح وتجئ في طريق لم يتغير من عدة أعوام وأعوم- طويلة هي تلك الطريق- وخانقة أنفاسها- وكئيبة وجوه وأشباح تلك الطريق- يبدو أنهم ملوا عبوري على طريق عَبد من عشرة أعوام. سأرحل يا طريقي دون وداع أو قبلات أو حتى شيئا من عشق تلك السنين- أتجول في طرق أخرى في مدن أخرى وفي سنين لم تتعود على أشخاص مثلي يتسكعون وحدهم على أرصفة الزمن دون حبيب- فأنا هاربا من حب عشرة أعوام ومن غربة عشرة أعوام ومن فتاة عمرها عشرة أزهار ومن قلب انتظر قدوم حماما لم يعد من عشرة أعوام. فسلاما على حبا رافقني عشرة أعوام، ولقلبا استحمل معي غربة عشرة أعوام. وتحية لكل القراء